أنتوني كوين يحمد الله أن عبدالله غيث لا يمثل بالإنجليزية وإلا كان خطف كل أدواره في السينما العالمية!
أحب عبد الله غيث بجنون، هو عندي ليس مجرد ممثل، بل هو أيقونة في الإلقاء وفصاحة اللسان، صوت رجولي يجسد الجسارة والقوة والفهم لما ينطق به، معايشة ونفاذ إلى قلب الشخصية؛ أقف أمامه مشدوها، مبهورا، بل مسحورا، هو لمن يريد التشخيص المعلم وبقية المنافسين مريدون، أتتبع أعماله منذ كنت صبيا على أعتاب الوعي، لم ألتقه وجها لوجه، بل رحت أسأل عنه كل من هو قريب منه وأولهم شقيقه الفنان حمدي غيث الذي تكرم وزارني في مكتبي مرتين ولمدة ساعات قبل أن أتعرف على نجله معرفة سوشيال من دون لقاء، نتحدث ليقول لي عنه أن أستاذه حمدي غيث الذي يملك هو الآخر صوتا مهيبا، مجلجلا أشعرني بالرهبة في رحاب معبد الكرنك وأنا أرتجف ذات مرة في عدد من الزيارات السنوية المتتابعة، كنت ولا زلت متأثرا بعرض الصوت والضوء، أخبرني الشقيق أنهما أبناء محافظة الشرقية ـ منيا القمح ـ فزادني الشرف قربا!
وعندما عملت بالميديا المرئية، التقيت المخرج العالمي مصطفى العقاد مخرج فيلم الرسالة الخالد في شريط السينما العالمية والعربية بنسختيه العربية والإنجليزية، الذي أطربني حديثه عن مثلي الأعلى في الخطابة واختيار التون المناسب لحديثه، عبد الله غيث، قال لي مصطفى العقاد ما أحببت أن أسمعه، عن عبقرية عاشت بيننا ولم نوفها حقها، عن ارتجاف النجم العالمي أنتوني كوين من النجم المصري، وطلبه تلقينه درسا في آداء شخصية عربية، وكيف إعترف كوين بأن غيث قد علمه كيف يفهم حمزة العربي وأنه استفاد منه كثيرا في آداء شخصيته في النسخة الإنجليزية؛ بعد أن رجاه بأن يخالف قواعد التصوير والمخرج، بأن يؤدي غيث مشاهده أولا؛ كي يتعلم منه، وبعد المباراة الساخنة بينهما، قال له كوين متأثرا أنه يحمد الله أن عبدالله لا يمثل بالإنجليزية وإلا كان خطف كل أدواره في السينما العالمية!
قال لي مصطفى العقاد: "كان فيلم "الرسالة" حدثا عربيا وعالميا كبيرا، كان نادرا أن تقدم أي جهة إنتاج على صنع فيلم واحد، بنسختين، إحداهما عربية بأبطال معظمهم عرب وبلغة عربية، والأخر ىإنجليزية بأبطال أجانب وناطقة باللغة الإنجليزية، لكن منتجو فيلم "الرسالة" المختلف على الجهة الممولة له حتى تاريخه، أقدموا على هذا الأمر باهظ التكاليف".
حكى العقاد عن الجمهور المغربي الغفير الذي يقدر بعشرات الآلاف من شعب المغرب الشقيق الذي تدفق على أرض التصوير بديكوراته الضخمة في ظل إنتاج سخي لا نعرف هويته، كانوا في البداية يشفقون على غيث من منافسة هذا الغول الفني نجم السينما العالمية، وبعد أن صاح العقاد stop معلنا نهاية تصوير أول مشاهد الفيلم الذي تصدى لكتابته 4 من العظماء: عبد الحميد جودة السحار، توفيق الحكيم، عبد الرحمن الشرقاوي ومحمد علي ماهر بالإضافة إلى السيناريست العالمي هاري كريج وهو نفسه كاتب السيناريو للفيلم العالمي "عمر المختار"، ابتلع العقاد جرعة من دخان البايب، وهو في حالة رضا شديد مدركا أنه على أعتاب نجاح غير مسبوق، تدافع جمهور المغرب تجاه عبد الله غيث، مهللين، مكبرين، وهم يحتضنونه بقوة؛ فها هو انتصار عربي جديد يسطره غيث بملامح من صمود وثبات؛ لينحني له أنتوني كوين المكسيكي في تواضع جم قائلا: "أنت عظيم"، فيما رفع فريق العمل الإنجليزي القبعات للنجم المصري العربي، وتلاشى قلق العقاد الذي كان متمركزا حول الممثل العربي الذي سيؤدي شخصية حمزة المحورية؛ لدرجة أنه أخبر غيث بأن عليه الرضوخ لاختبار في لندن بملابس الشخصية، وهو ما وافق عليه بكل تواضع نجمنا المغوار.
كشف لي مصطفى العقاد وأنا أصور معه لتليفزيون الجزائر الشقيق، أن عبد الله غيث رفع رأس العرب بحضارتهم ومواهبهم أمام كل من شاهد نسختي الفيلم..ومن جانبي أقول: عبد الله غيث يعد أبرع وأهم من نطقوا اللغة العربية على الشاشتين والمسرح.
------------------------------
بقلم: طاهـر البهـي